(فصل)
في دعوة أهل الحق وبيانها
قالت عصبة أهل الحق : ان الله (١) جل ثناؤه اصطفى الإسلام دينا ورضيه لعباده واختاره لخلقه ، ولم يجعله موكولا إلى رأيهم ، ولا جاريا على مقادير أهوائهم ، دون أن نصب له الأدلة ، وأقام عليه البراهين ، وأرسل به الرسل ، وأنزل به الكتب ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة.
وللإسلام حدود ، وللقيام به حقوق ، وليس كل من ادعى ذلك أخذه (٢) ، ولا كل من انتسب اليه صار من انتسب اليه صار من أهله ، وقد علمنا أن أهل القبلة [قد (٣)] اختلفوا في أمور صاروا فيها الى خلل ، فضلل بعضهم بعضا (٤) وكفر بعضهم بعضا ، وكل يدعي أن ما ذهب اليه من ذلك وانتحله هو دين الله ودين رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومعلوم عند كل عاقل أن ذلك كله على اختلافه لا يجوز أن يكون حقا لتضاده واختلافه ، ولا بد حينئذ من اعتبار ذلك وتمييزه ليتبع منه الحق ، ويجتنب منه الباطل ، وقد علمنا بالأدلة الواضحة ، والبراهين الصحيحة التي يوافقنا عليها جميع فرق أهل الملة بطلان (٥) قول كل من خالف جملة الإسلام ما جاء به القرآن وصح عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا كان الأمر كذلك
__________________
(١) في مط : وان.
(٢) في ا : أحزم.
(٣) الزيادة من أ.
(٤) في أ : في أمور صاروا فيها الى أن ضلل بعضهم بعضا.
(٥) في مط : وقد علمناه .. وأبطل.