لا يحصل مع القول بالصرفة إلا بعد المعرفة بالعربية ، وذلك يقتضي فساد ما بنينا القول به.
وكذلك ان قيل لنا أيضا : إذا كان العلم بمراد الله تعالى ومراد رسوله والقائمين في الأمة مقامه (صلوات الله عليه وعليهم) لا يعلم الا بعد العلم بالعربية التي خوطبنا بها ، فيجب على كل مكلف العلم بها أن (١) يكون عالما بالعربية ، وذلك يقتضي وجوبها مستدامة لكل مكلف للشريعة على النظر فيها.
الجواب ، وبالله التوفيق :
اعلم أن هذه الشبهة لم يخطر الا ببال من تصفح كتبي ، وقرأ كلامي في نصرة القول بالصرفة ، واعتمادي في نصرتها على أن أحدا لا يفرق بالضرورة ، من غير استدلال بين مواضع من القرآن ، وبين أفصح كلام للعرب في الفصاحة.
فإن كان يفرق ما بين أفصح كلامهم وأدونه بفرقة ظاهرة ، ومحال أن يفرق بين المتقاربين من لا يفرق بين المتباعدين ، فتركيب هذه الشبهة من مفهوم هذا الكلام.
وليس يمكن أن يقول في هذا الموضع ما لا يزال أن يقال : من أن الناظر إذا علم أن القرآن قد تحدى به ، ولم يقع المعارضة له ، لتعذرها عليهم الذي لا يجوز أن يكون معتادا.
فليس بعد ذلك الا أن يكون القرآن خرق العادة بفصاحته ، أو صرف القوم عن معارضته ، وأي الأمرين كان فقد صحت النبوة ، فلا فقر بنا إلى معرفة الوجه على سبيل التفصيل.
وذلك أن هذه الطريقة غير مستمرة ، على ما بينا في كتابنا في نصرة الصرفة
__________________
(١) ظ : وأن.