وهو أن هذا اليوم في حق من رأى الهلال في ليلة من شهر رمضان ، فواجب عليه صومه ، وليس هو من شهر رمضان في حق من لم يره ولا صح بالخبر رؤيته ، ولا معلوم له يخالف ذلك.
كما قلنا في سائر المسائل الشرعية ، وفي جهة القبلة ، وان من غلب في ظنه أنها في جهة مخصوصة ، وجب عليه التوجه الى خلاف الجهة الاولى ، واختلف فرض هذين المكلفين ، وكان معلوم الله تعالى مطابقا لمعلومهما وغير مختلف لما وجب عليهما وعلماه في هذا الباب.
فان قيل : أليس الله تعالى لا بدّ أن يكون عالما بأن القبلة في جهة بعينها لا يجوز عليه الاختلاف وان اختلف ظنون المتوجهين ، وكذلك لا بدّ أن يكون عالما بطلوع الهلال في ليلة مخصوصة ، أو بفقد طلوعها فيها وان لم يظهر ذلك بعينه للمكلف ، وكيف يكون ما علمه الله تعالى في هذه المواضع مساويا لما يعتقده العبد ويعمله.
قلنا : لا اعتبار في باب التكليف بجهة الكعبة نفسها ، مع فقد المعاينة وبعد الدار ، وانما الاعتبار الذي يتبعه الحكم انما يرجع الى ظن المكلف بما يؤديه إليه اجتهاده في جهة الكعبة مع بعد داره عنها.
وتكليفه انما يختلف بحسب اختلاف ظنونه ، فإذا غلب في ظنه أنها في جهة مخصوصة ، فتكليفه متعلق بالتوجه إلى الجهة بعينها ، سواء كانت الكعبة فيها أو لم تكن ، وان كان فرضه بالتوجه متعلقا بما يغلب في ظنه أنه جهة الكعبة ، فتلك الجهة هي قبلته ، والمفروض عليه التوجه إليها ، وعلم الله متعلق بهذا بعينه.
وكذلك القول في مكلف آخر غلب في ظنه أن جهة الكعبة في جهة أخرى ، فان الواجب عليه التوجه الى تلك الجهة وهي جهة القبلة ، والقول في طلوع الهلال واستتاره كالقول في الكعبة ، فلا معنى لإعادته.