وما أنكرت أن يكون قوله (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) معناه : صوموا العدة التي وجب عليكم صيامها من الأيام على التمام والكمال ، وقد يجوز أن يكون هذه العدة تارة ثلاثين وتارة تسعة وعشرين يوما ، ومن رأى الهلال فقد أكمل العدة التي وجب عليه صيامها وما نقص عنها شيئا.
ألا ترى أن من نذر أن يصوم تسعة وعشرين يوما من شهر ثم صامها ، نقول : انه قد أكمل العدة التي وجبت عليه وتممها واستوفاها ولم (١) يعم شهرا عدده ثلاثون يوما.
ثم قال صاحب الكتاب : وقد عارض بعضهم في هذا الاستدلال فقال : ان الشهر وان نقص عدد أيامه عن ثلاثين يوما ، فإنه يستحق من صفة الكمال ما يستحقه إذا كان ثلاثين ، وأن كل واحد من الشهرين المختلفين في العدد ، كامل تام على كل حال.
ثم قال : وهذا غير صحيح ، لان الكامل والناقص من أسماء الإضافات ، وهما كالكبير والصغير والكثير والقليل ، فكما لا يقال كبير الا لوجود صغير ، ولا كثير الا لحصول قليل ، فكذلك لا يقال الشهر من الشهور كامل الا بعد ثبوت شهر ناقص ، فلو استحال تسمية شهر بالنقصان ، لاستحالت لذلك تسمية شهر آخر بالتمام والكمال ، وهذا واضح يدل المنصف على فساد معارضة الخصوم ووجود كامل وناقص في الشهور.
يقال له : لسنا ننكر أن يكون في الشهور ما هو ناقص ومنها ما هو كامل ، لكن قولنا «ناقص» يحتمل أمرين : أحدهما أن يراد به النقصان في العدد ، ويحتمل أن يراد به النقصان في الحكم وأداء الفرض.
فإذا سألنا سائل عن شهرين أحدهما عدده ثلاثون يوما والأخر عدده تسعة
__________________
(١) ظ : ولم يصم.