اضطرار وإجبار ثم لم تقع ، فأما إذا أراد (١) ارادة البلوى والاختبار فهذا مالا يغبى الا على المسكين ، وإذا كان ذلك كله فلا يكون منا التعجيز لله تعالى ، إذ فعل العباد مالا يريده من الكفر ولم يفعلوا ما اراده من الايمان ، لانه لم يرد ان يحملهم عليه حملا ويلجئهم اليه إلجاء ، فيكون منهم على غير سبيل التطوع.
وقد بين الله [ذلك (٢)] في كتابه فقال (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(٣) فأخبر أنه لو شاء لا حدث آية يخضع عندها الخلق ، ولكنه لو فعل ذلك ما استحقوا حمدا ولا جزاء (٤) ولا كرامة ولا مدحا ، لان الملجإ لا يستحق حمدا ولا جزاء ، وانما (٥) يستحق ذلك المختار المستطيع وقد بين الله ذلك فقال (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ)(٦) وقال الله عزوجل (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)(٧) فأخبر انه لا ينفع الإيمان إذا كان (٨) العذاب والا لجاء.
وقال تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(٩) فأخبر أنه لا ينفع الايمان في حال الإلجاء.
__________________
(١) في أ : وقد أراد.
(٢) الزيادة من أ.
(٣) سورة الشعراء : ٤.
(٤) في أ : ولا حمدا وجزاء.
(٥) في ا : لأنه انما.
(٦) سورة غافر : ٨٤.
(٧) سورة غافر : ٨٥.
(٨) في مط : إذ كان.
(٩) سورة الانعام : ١٥٨.