أنه لا بد أن يكون قادرا على جنس العلوم.
ولهذا كفر أبو القاسم البلخي (١) في هذه المسألة ، وقيل له [إنك (٢)] مصرح بأنا أقدر منه ، ولا يلزم على هذا ما نقوله كلنا من أنه لا يوصف بالقدرة على الجمع بين الضدين ، وأن يفعل في نفسه الحركة ، وما أشبه ذلك ، لان هذا كله غير مقدور في نفسه من حيث لا يقدر عليه من القادرين أحد ، وليس كذلك قبيل الاعتقادات ، لانه مقدور في نفسه لمن هو انقص حالا من القديم تعالى في باب القدرة ، فأولى وأحرى أن يكون تعالى قادرا عليه.
فان قيل : فإذا كان التكليف زائلا عنهم فكيف أمرهم تعالى بقوله (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ)(٣).
قلنا : قيل ان هذا اللفظ وان كان صيغة الأمر فليس بأمر (٤) على الحقيقة بل يجري مجرى الإباحة ، والإباحة لها صورة الأمر ، فقيل (٥) أيضا انه أمر وانه تعالى أراد من أهل الجنة الأكل والشرب على سبيل الزيادة في ملاذهم وسرورهم لا على سبيل التكليف.
فان قيل : فكيف تقولون في شكر أهل الجنة لنعم الله تعالى ، أو ليس هو لازم لهم(٦)؟
__________________
(١) عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي ، كان رأس طائفة ، من المعتزلة يقال لهم الكعبية ، وهو صاحب مقالات ، وهو صاحب مقالات ، وكان من كبار المتكلمين ، وله اختيارات في علم الكلام. توفي سنة ٣١٧ ه (وفيات الأعيان : ٢ / ٢٤٨).
(٢) الزيادة من ب ، وفي خ : بأنك.
(٣) سورة الحاقة : ٢٤.
(٤) في ب : فليستأمر.
(٥) في خ : وقيل.
(٦) في ب : وليس هو ملازم لهم.