ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)(١).
قالوا : وأي منكر أفحش ، وأي معصية أعظم من تشبيه الله تعالى بخلقه ، ومن تجويره في حكمه ، ومن سوء الثناء عليه واضافة الفواحش والقبائح اليه وكيف لا يكون كذلك وفي القول بالتشبيه والإجبار الانخلاع عن معرفة الله تعالى ومعرفة جميع رسله ، إذ كل من شبه الله بشيء من خلقه لم يتهيأ له أن يثبت الله قديما وقد أثبت له مثلا محدثا ، وفي ذلك عدم العلم باصنع والصانع والرسول والمرسل ، وان من أجاز على الله جل وعلا فعل الظلم والكذب وارادة الفواحش والقبائح لم يمكنه أن يثبت لرسول من رسل الله تعالى معجزة أقامها الله تعالى لهداية الخلق دون إضلالهم ولرشدهم دون إغوائهم (٢) ، وفي ذلك سقوط العلم بصدق الرسل فيما دعت اليه ، وذلك يوجب أن لا يكون معتقدا ، ولا لازم الاخبار عن ثقة ويقين (٣) من صدق الرسل ، ولا صحة الكتب ، ولا كون الجنة والنار ، وهذا هو الخروج من دين الإسلام ، والانخلاع عن دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قالوا : ونحن نصف قولنا ونذكر دعوتنا فليتدبر ذلك السامع منا ، وليقابل (٤) به قول غيرنا ، فإنه سيعلم ان كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد أينا أهدى سبيلا ، وأقوم قيلا ، وأولى بالتمسك بالكتاب والسنة ، واتباع الحجة ، ومجانبة البدعة.
__________________
(١) سورة المائدة : ٧٨ و ٧٩.
(٢) في مط : ولا لرشدهم دون إغوائهم.
(٣) في مط : ولا لازم الإجبار على [الإجبار عن خ] ثقة وتيقن. وفي أ : ولا لازم الإجبار على ثقة ويقين.
(٤) في مط : وليتأمل.