يكون بفعله الجور عادلا ، ولا بفعله الخطأ مصيبا ولا بفعله الفساد مصلحا إذا ، فإن قالوا بذلك ، قيل لهم : فما أنكرتم ان لا يكون الخطأ والجور من فعله إذ كان مصيبا عادلا في جميع فعله. فان قالوا بذلك ، تركوا قولهم وصاروا الى قول أهل الحق : ان الله لا يفعل خطأ ولا جورا ولا باطلا ولا فسادا.
ويقال لهم : أتقولون ان الله يفعل الظلم ولا يكون ظالما؟ فمن قولهم : نعم. يقال [لهم](١) فما الفرق بينكم وبين من قال انه ظالم وانه لم يفعل ظلما؟ وان قالوا : [انه (٢)] لا يجوز أن يكون ظالما الا من فعل ظلما ، قيل لهم : وكذلك لا يجوز أن يكون للظلم فاعلا ولا يكون ظالما ، بل يجب أن يكون من كان للظلم فاعلا أن يكون ظالما.
ويقال لهم : أليس من قولكم ان الله خلق الكفر في الكافرين ثم عذبهم عليه؟ فإذا قالوا : نعم. يقال لهم : فما أنكرتم يضطرهم الى الكفر ثم يعذبهم عليه؟ فان قالوا : لو اضطرهم الى الكفر لم يكونوا مأمورين ولا منهيين لانه لا يجوز أن يؤمروا ولا ينهوا بما اضطرهم اليه. قيل لهم : ولو كان الكفر قد خلق فيهم لم يكونوا مأمورين ولا منهيين لانه لا يجوز أن يؤمروا وينهوا بما خلق الله فيهم ، وكلما اعتلوا بعلة عورضوا بمثلها.
وان قالوا : ان الله اضطرهم الى الكفر. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون [قد (٣) حملهم عليه واجبرهم ، [عليه (٤)] واكرههم. فان قالوا بذلك [فقد (٥)] صاروا الى قول جهم انه لا فعل للعباد وانما هم كالحجارة تقلب وان لم تفعل شيئا كالأبواب تفتح وتغلق وان لم تفعل شيئا ، ولزمهم ما لزم جهما.
__________________
(١) الزيادة من مط.
(٢) الزيادة من أ.
(٣) الزيادتان من أ.
(٤) الزيادتان من أ.
(٥) الزيادتان من أ.