ولو كانوا أرادوا أنه لو شاء الله لحال بيننا وبين الايمان لما كذبهم الله ، قال الله تكذيبا لهم (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) يعني عذابنا (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) يعني هل عندكم من علم أن الله يشاء الشرك ثم قال (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)(١) [يعني تكذبون (٢)] كقوله (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ)(٣).
وقال عزوجل (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(٤) يعني يكذبون.
وقال عزوجل (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(٥) خبر أن الرسل قد دعت الى الايمان ، فلو كان الله تعالى شاء الشرك لكانت الرسل قد دعت خلاف ما شاء الله ، فعلمنا ان الله لم يشأ الشرك.
فان قال بعض الأغبياء : فهل يشاء العبد شيئا أو هل تكون للعبد ارادة؟ قيل له : نعم قد شاء ما امكنه الله من مشيئته ويريد ما امره الله بإرادته ، فألقوه على الإرادة فعل الله والإرادة فعل العبد.
والدليل على ذلك قول الله تعالى (قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها)(٦).
__________________
(١). سورة الانعام : ١٤٨.
(٢) الزيادة من أ.
(٣) سورة الذاريات : ١٠.
(٤) سورة الزخرف : ٣٠.
(٥) سورة النحل : ٣٥.
(٦) سورة الكهف : ١٩.