وإذا جاز أن يكون في المعارف ما لا يستحق عليه الثواب ، أجزنا أن يجامع الكفر.
فأما ما مضى في السؤال من أنهم إذا كانوا غير عارفين بالله تعالى ، فالواجب أن يتقدم دعاؤهم إلى المعرفة بالله تعالى على الدعاء إلى الشرائع ، فعلى هذا جرى الأمر ، وأن النبي صلىاللهعليهوآله كان يأمر الدعاة الذين ينفذون منه الى أطراف البلاد ، بأن يدعوا الناس الى معرفة الله تعالى ووحدانيته ، ثم الى نبوته وشريعته.
والاخبار في السيرة مملوة من هذه الألفاظ ، ولو لم يرد في ذلك خبر لكنا نعلم أن الأمر جرى عليه لقيام الأدلة على صحته.
وانما ظهور الدعاء إلى النبوة والشريعة أكثر من ظهور الدعاء الى التوحيد والعدل ، لأن المعرفة بالتوحيد والعدل اليه (١) دعاة ، وعليها (٢) حداة من الناس والخواطر ، ومشاهدة آثار الصنعة في العالم ، فلو لم يدع إليها (٣) داع بعينه لكان في تلك الدواعي التي أشرنا إليه كفاية (٤).
وليس كذلك النبوة والشريعة ، لأنه لا طريق الى الدعاء إليهما إلا قول النبي صلىاللهعليهوآله وتنبيهه ، أو قول من يكون رسوله ومؤديا عنه ، ولا أحد من المكلفين الا وهو مدعو بعقله ، ربما (٥) يسمعه أيضا من غيره ، الى النظر في معرفة الله تعالى ، ولا داعي له إلى معرفة نبوته وشريعته الا قول ذلك النبي وتنبيهه ، أو قول من يؤدي عنه ، وهذا واضح.
__________________
(١) ظ : إليهما.
(٢) ظ : عليهما.
(٣) ظ : إليهما.
(٤) ظ : إليها.
(٥) ظ : وبما.