رمضان يوما بنية التطوع يوصف في الشرع بأنه صوم مطلق ، فعموم الآية يقتضي فعل ما هو صوم في الشريعة.
ومنها : أن صوم شهر رمضان مستحق العين على المقيم ، فعلى أي وجه فعله وقع على المستحق ، كطواف الزيارة ورد العارية والوديعة والغصب.
ومنها : أن نية التعيين يحتاج إليها للتمييز بين الفرض وغيره ، والتمييز انما يحتاج إليه في الوقت الذي يصح (١) في وقوع الشيء وخلافه فيه. فأما إذا لم يصح منه في الحال الى (٢) الفرض لم يحتج إلى نية التعيين ، ولما لم تكن الوديعة والعارية بهذه الصفة لم يفتقر إلى نية التعيين.
فإذا قيل : لعل ما لا جزت صومه هذا الزمان المعين بغير نية أصلا ، كما جاز رد الوديعة بغير نية ، كما لقوله فروقا بين الأمرين ، بأن يقول : كونه مستحق العين انما يكون علة في سقوط نية التعيين ، لانه لو طاف بنية التطوع أجزأه عن فرضه ، ولا يسقط فيه النية على الجملة.
وأجود مما ذكره أبو حنيفة أن يقول : ان الصوم في الشريعة لا بد من كونه قربة وعبادة بلا خلاف بين المسلمين ، فإذا تعين في زمان بعينه سقط وجوب نية التعيين ، ونية القربة والعبادة لا بد منها ، والا فلا يكون صوما شرعيا ، وليس كذلك رد الوديعة والعارية.
وربما طعن الشافعي على أبي حنيفة في هذا الكلام الذي حكيناه من أن ما تعين من زمانه من العبادات لا يحتاج إلى نية ، بأن يقول له : ان الصلاة في آخر الوقت وعند تضيقه يفتقر إلى نية التعيين بلا خلاف ، ومع هذا فان الزمان قد تعين في أدائها لا يمكن أن يقع فيه سواها.
__________________
(١) الظاهر زيادة «في».
(٢) ظ : الا.