أقرائك» (١) وقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ)(٢).
فلو كان النّهي يدلّ على الصحّة ، لزم صحّة هذه المنهيّات ، وليس كذلك بالإجماع، أو وجود الدّليل من غير وجود مدلوله ، وهو خلاف الأصل.
احتجّا بأنّ المنهيّ عنه إمّا الشرعي أو غيره ، والثاني باطل ، أمّا أولا ، فلأنّ الألفاظ الموضوعة إذا أطلقت ، إنّما يراد بها ما وضعت له ظاهرا ، سواء كان الوضع من اللّغة ، أو الشرع ، أو العرف ، ولهذا إذا أطلق الشّارع لفظا ، وكان قد وضعه لمعنى ، حملناه على متعارفه الشرعيّ (٣) وألقينا غيره من اللّغة والعرف.
وأمّا ثانيا ، فلأنّا نعلم أنّه لم ينه في صوم يوم النحر عن الإمساك المطلق ، ولا في نكاح الأمّهات عن الالتقاء (٤) وكذا باقي الألفاظ ، فلم يبق النهي متوجّها إلّا إلى الشرع ، فنقول : ذلك المعنى الشرعي ، إمّا أن يمكن تحقّقه أو لا ، والثاني باطل ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق فثبت الأوّل.
وإذا أمكن تحقّق الصّوم الشرعيّ في يوم النحر ، ثبت المطلوب ، فإنّ الشرعيّ هو الصّحيح المعتبر في نظر الشارع ، فالنهي عن صوم يوم النحر يدلّ على انعقاده ، إذ لو استحال انعقاده لما نهي عنه ، فإنّ المحال كما لا يؤمر به ، كذا لا
__________________
وقال ابن زهرة في الغنية ـ قسم الفروع ـ ص ٢١٢ :
نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع «حبل الحبلة» هو نتاج النتاج ، وعن بيع «الملاقيح» وهو ما في بطون الأمّهات ، وعن بيع «المضامين» وهو ما في أصلاب الفحول.
(١) الوسائل : ٢ / ٥٣٨ ، الباب ٣ من أبواب الحيض ، الحديث ٤.
(٢) النساء : ٢٢.
(٣) في «ب» : الشرعيّة.
(٤) في «ب» : عن الاكتفاء.