وأمّا [على] مذهب العموم ، فغايته أنّ اللّفظ حقيقة في الاستغراق ، ومجاز في الخصوص ، فإن لم يقم دليل على مخالفة الحقيقة ، وجب إجراء اللّفظ على جميع محامله ، من غير إخراج شيء منها ، وإن قام [دليل] على مخالفتها ، وامتناع العمل بالاستغراق ، وجب صرفه إلى محمله المجازيّ ، وهو الخصوص.
وعند حمل اللفظ على المجاز ، لا يكون اللّفظ متناولا للحقيقة ، وهي الاستغراق ، فلا يتحقّق إخراج بعض ما تناوله الخطاب عنه ، لأنّ عند كونه مستعملا في معناه المجازيّ ، لا يكون مستعملا في الحقيقة ، فإطلاق القول بتخصيص العامّ ، أو أنّ هذا عامّ مخصوص ، لا يكون حقيقة ، ويناسب قول أرباب العموم : إنّ التخصيص [هو] تعريف أنّ المراد باللّفظ الموضوع للعموم حقيقة ، هو الخصوص ، وقول الاشتراك : تعريف أنّ المراد باللفظ الصالح للعموم والخصوص ، إنّما هو الخصوص ، والمعرّف لذلك أيّ شيء كان ، يسمّى مخصّصا ، واللّفظ المصروف عن جهة العموم إلى الخصوص ، مخصّصا (١).
وفيه نظر ، فإنّ الإخراج كما يكون عن الدّخول بالفعل ، كذا يكون عن الدخول بالصّلاحيّة.
والقائلون بالخصوص ، وإن كان اللّفظ إنّما يفيد قطعا أقلّ مراتبه ، إلّا أنّه صالح للعموم ، وكذا عند القائلين بالاشتراك وبالوقف ، فتحقّق الإخراج حقيقة ،
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٦.