الخامس : لو أسمعه العام دون الخاص لوجب على المكلّف التوقّف حتى تفحّص عن المخصّص ، وذلك قول أصحاب الوقف.
السادس : يجب على الإنسان العمل على ما يعلمه من الأدلّة الشرعيّة ، ولا يلزمه طلبها ، ألا ترى أنّه يلزمه أن يعمل على ما في عقله ، ولا يجب عليه أن يتوقّف ويطوف البلاد ليعلم هل بعث نبيّ ينقله عمّا في عقله أو لا؟ فكذا ينبغي إذا سمع العامّ أن يعتقد استغراقه ، ولا يلزمه طلب ما يخصّصه ، فلو جاز أن يسمع العامّ دون الخاصّ ، لكان مباحا له أن يعتقد استغراقه ، وفي ذلك إباحة الجهل.
والجواب عن الأوّل : المنع من كونه إغراء بالجهل إذا أشعره بالمخصّص ، وأخطره بباله ، وخوّفه من ترك طلبه.
وأيضا ، يلزم ما ذكرتم في المخصّص العقليّ.
وعن الثاني : بالفرق ، فإنّ الزنجيّ لا يفهم من العربيّة شيئا ، وليس كذلك من خوطب بالعامّ ، وهو يجوّز كون المخصّص في الشرع ، وينتقض بالعقليّ.
وعن الثالث : أنّ كون اللّفظ للاستغراق حقيقة ، وهو مجاز في غيره ، يفيد ظنّ الاستغراق ، والظنّ حجة في العمومات. (١)
وفيه نظر للمنع من الظنّ مع تجويز المخصّص الغالب في عمومات الشرع.
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٥٠٠ ، وفي المطبوع منه «حجّة في العمليّات» أي في الأحكام العملية ، وعلى فرض صحّة نسختنا فالمراد ، الظنّ حجة في استفادة العموم من الألفاظ.