وبين ما قلناه» نظر ، للتنافي بينهما ، فإنّ الأوّل لا يقتضي التشريك بخلاف ما قالوه.
المسألة الرابعة
قوله تعالى : (فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)(١) جاز على ظاهره ، من وجوب إطعام هذا العدد ، غير متأوّل عند علمائنا ، وهو مذهب الشافعي ، للأصل الدالّ على جريان الألفاظ الظاهرة على معانيها الّتي هي ظاهرة بالنسبة إليها.
وقالت الحنفيّة : إنّه متأوّل ، وتقديره فإطعام طعام ستّين مسكينا ، فلم يوجبوا العدد ، إذ المقصود هو دفع الحاجة ، ولا فرق بين دفع حاجة ستّين مسكينا يوما واحدا ، وبين دفع حاجة مسكين واحد ستّين يوما. (٢)
وهو غلط لوجهين :
أمّا أوّلا : فلأنّ قوله : (فَإِطْعامُ) يستدعي مفعولا ، وقوله (مِسْكِيناً) صالح له ، ويمكن الاستغناء به مع ظهوره.
والطّعام وإن كان صالحا للمفعوليّة (٣) إلّا انّه مسكوت عنه غير ظاهر ، فتقدير حذف المظهر ، وإظهار المفعول المسكوت عنه بعيد في اللّغة ، بل الواجب عكسه.
__________________
(١) المجادلة : ٤.
(٢) نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ٤٠ ؛ والغزّالي في المستصفى : ٢ / ٥٥ ـ ٥٦.
(٣) أي مفعول الإطعام.