وأمّا رابعا ، فلأنّه أكّد البطلان بذكره «ثلاثا» (١).
وفيه نظر ، إذ لا مدخل لهذا التأكيد في إرادة العموم.
قالوا : ولا يمكن حمله على الصغيرة ، لأنّه حكم بالبطلان ، وعقد الصغيرة من دون إذن الوليّ موقوف على إجازة الوليّ ، ولا على الأمة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإن مسّها فلها المهر بما استحلّ من فرجها» (٢) ولا مهر للأمة بل لسيّدها ، ولا على المكاتبة ، لأنّها بالنسبة إلى جنس النساء نادرة.
ولفظ «أيّما امرأة» من أقوى صيغ العموم ومن القبيح في لغة العرب إطلاق اللفظ العامّ على النّادر جدّا.
ونمنع صحّة الاستثناء بحيث لا يبقى إلّا الأقلّ النادر من المستثنى عنه.
وحمل البطلان على الضّرورة إليه بعيد أيضا ، لأنّ مصير العقد إلى البطلان نادر ، والتعبير باسم الشّيء عمّا يؤول إليه إنّما يصحّ ، إذا كان المآل إليه قطعا ، كما في تسمية العصير خمرا.
ولأنّ قوله : «فإن أصابها فلها المهر بما استحلّ من فرجها» يعطي فساد العقد ، فإنّه لو كان صحيحا لكان المهر بالعقد لا بالاستحلال. (٣)
وفيه نظر ، إذ يمكن الجواب بأنّ قوله : «بدون إذن وليّها» يعطي ثبوت الولاية عليها ، وهو ظاهر في الصغيرة والأمة والمكاتبة حينئذ ، والمهر وإن كان
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٤٠ ؛ والغزالي في المستصفى : ٢ / ٥٧.
(٢) كنز العمّال : ١٦ / ٥٠٨ ، برقم ٤٥٦٦٥ ؛ وسنن البيهقي : ٧ / ٢١٥.
(٣) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٤١.