واختلف مثبتو الدلالة ، فقال بعضهم : إنّه منطوق ، وقال آخرون : إنّه مفهوم.
احتجّ الأولون : بأنّه لو أفاد الحصر لأفاده العكس ، لأنّه فيهما ليس للجنس ، ولا لمعهود معيّن ، لعدم القرينة.
ولأنّه لو كان ، لكان التقديم بغير مدلول الكلمة ، وليس كذلك ، إذ ليس فيه سوى تغيير الجزء الصوري.
احتجّ الآخرون : بأنّه لو لم يكن دالّا على حصر الأعمال في المنويّة ، والعالم في زيد ، والصداقة في عمرو ، لكان المبتدأ أعمّ من خبره ، فيكون كذبا ، كما لو قال : الحيوان إنسان ، لتعذّر الجنس والعهد ، فوجب جعله لمعهود ذهنيّ بمعنى الكامل والمنتهى.
واعترض : بأنّ الكذب إنّما يلزم لو كان الالف واللام للعموم ، حتّى يصير التقدير : كلّ عمل بنيّة ، وهو ممنوع ، بل هي ظاهرة في البعض ، والتقدير : بعض الأعمال بالنية ، وبعض العالم زيد ، وبعض صديقي عمرو ، فإذن هو لمعهود ذهنيّ ، مثل : أكلت الخبز.
وأيضا ، يلزمه (١) : زيد العالم بعين ما ذكر.
فإن زعم أنّه مخبر بالأعمّ عن الأخصّ ، فغلط ، لأنّ شرط جعل الأعمّ مخبرا به ، التنكير (٢) ، لما عرف من قواعدهم أنّ الألف واللام في المحمول يدلّ على المساواة.
__________________
(١) أي يلزم الكذب.
(٢) أي بأن يقال : زيد عالم.