كالوقوف بعرفة ، وصوم شهر رمضان ، وصلاة الجمعة ، وإلّا فلا ، كما لو تصدّق صلىاللهعليهوآلهوسلم واتّفق (١) ذلك في زمان ما ، فإنّه يتحقّق التأسّي به وإن تصدّقنا في غير ذلك المكان أو الزمان ، إذا علمنا انتفاء تعلّق الغرض بهما.
وقولنا : «لأجل أنّه فعل» لانتفاء التأسّي بدونه ، فإنّه لو اتّفق شخصان في فعل واحد ، ولم يفعل أحدهما لأجل فعل الآخر ، لم يكن أحدهما متأسّيا بصاحبه.
ولو صلّى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصلّى مثل صلاته رجلان من أمّته لأجل أنّه صلّى ، لوصف كلّ منهما أنّه متأسّ بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يوصف كلّ واحد منهما بأنّه متأسّ بالآخر.
ولا يشترط في التأسّي استفادة المتأسّي صورة الفعل ووجوبه ممن يتأسّى به ، فإنّا موصوفون بالتأسّي بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصّبر على الشدائد ، والشكر على النّعم ، إذا فعلنا ذلك لأجل فعله ، وإن لم نستفد صورة ذلك منه ، ولا وجوبه.
ولا يمتنع أن نفعل ذلك لأجل أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فعله ، ولعلمنا بوجوبه أو حسنه عقلا.
وقال أبو علي بن خلّاد (٢) : إنّ الفعل الّذي وقع التأسّي فيه ، يجوز أن يكون حسنا من الثاني ، قبيحا من الأوّل ، كالنصراني لو مشى إلى بيعة للتعبّد
__________________
(١) في «أ» : وأنفق.
(٢) هو الحسن بن عبد الرحمن بن الخلاد الرامهرمزي الفارسي ، محدث في زمانه من أدباء القضاة ، توفي سنة ٣٦٠ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٢ / ١٩٤ وكنيته فيها «أبو محمد» لا «أبو علي».