وقال أبو الحسين البصري : إنّه حقيقة في الأوّل ومجاز في الثاني (١).
وهو الحقّ عندي.
وقال القفّال (٢) من الشافعية : إنّه حقيقة في النقل والتحويل. (٣)
لنا وجوه :
الأوّل : المجاز أولى من الاشتراك على ما تقدّم ، وقد استعمل في هذين ، ولم يقل أحد : إنّه لقدر مشترك بينهما ، فيكون حقيقة في أحدهما ، وجعله حقيقة في الأوّل أولى ، لمشابهة الثاني له في الزوال عن الأوّل.
الثاني : إطلاق اسم النسخ على النقل في قولهم : «نسخت الكتاب» مجاز ، لأنّ ما في الكتاب لم ينقل حقيقة ، وإذا كان اسم النسخ مجازا في النقل ، كان حقيقة في الإزالة ، لعدم استعماله فيما سواهما ، وهو حجّة أبي الحسين. (٤)
وفيه نظر ، لأنّ المجاز هنا في النقل الّذي هو مرادف للنسخ ، ولا يلزم من كونه مجازا في هذه الصورة باعتبار مجازيّة النقل كونه مجازا في النقل.
ولأنّ النقل كما لم يتحقّق لما في الكتاب ، كذا لا تتحقّق الإزالة ، فلو منع من كونه في النقل حقيقة ، منع من كونه في الإزالة حقيقة.
نعم أنّه يبطل الاستدلال بهذا المثال على كونه حقيقة في النّقل.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٣٦٤.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٨٥.
(٣) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٧١.
(٤) المعتمد : ١ / ٣٦٤.