واعترض (١) أيضا : بأنّ إطلاق اسم النسخ في الكتاب إن كان حقيقة ، بطل كلامكم ، وإن كان مجازا ، امتنع أن يكون التجوّز مستعارا من الإزالة لأنّه غير مزال ، ولا يشبه الإزالة.
فلا بدّ من استعارته من [معنى] آخر ، وليس الّا النّقل ، فكان مستعارا منه ، ووجه استعارته منه : أنّ تحصيل مثل ما في المنسوخ في المنقول إليه ، يجري مجرى نقله وتحويله ، فكان منه بسبب من أسباب التجوّز ، وإذا كان مستعارا من النقل ، كان اسم النسخ حقيقة في النقل ، لأنّ المجاز لا يتجوّز به في غيره بإجماع أهل اللغة.
سلّمنا أنّه مجاز في نسخ الكتاب ، لكنّه ليس مجازا في نسخ المواريث وغيرها. (٢)
الثالث : يطلق على الإزالة اسم النّسخ ، كما تقدّم ، والأصل في الإطلاق الحقيقة ، وإذا كان حقيقة في الإزالة ، لم يكن حقيقة في النقل ، دفعا للاشتراك.
اعترض (٣) : بأنّ وصف الريح بأنّها ناسخة ، وكذا الشّمس ، مجاز ، لأنّ المزيل هو الله تعالى ، وإذا كان مجازا ، امتنع الاستدلال به على كون اللفظ حقيقة في مدلوله.
وبالمعارضة بأنّ النسخ قد أطلق على النقل والتحويل ، والأصل الحقيقة ، فلا يكون حقيقة في غيره ، دفعا للاشتراك.
__________________
(١) المعترض هو الآمدي.
(٢) الإحكام : ٣ / ٧١.
(٣) نقله الرازي ولم يسمّ قائله. لاحظ المحصول : ١ / ٥٢٥.