هو الارتفاع لا ما به الارتفاع ، أعني الرافع ، وبينهما فرق.
وقد اجيب (١) : بأنّ النسخ هو الرفع الّذي هو الفعل ، لا الارتفاع الّذي هو الانفعال ، والرفع هو الخطاب الدالّ على الارتفاع ، لأنّ الرفع الّذي هو الفعل صفة الرافع ، وذلك هو الخطاب.
وفيه نظر ، فإنّ الناسخ في الحقيقة هو الله تعالى ، واللّفظ دليل عليه ، والنسخ مغاير للفظ الّذي أسند إليه النسخ مجازا.
الثاني : الناسخ قد يكون فعلا ، كما إذا فعل صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلا ، وعلمنا بالضّرورة أنّه قصد به رفع ما كان ثابتا ، فإنّه نسخ وليس بخطاب.
لا يقال : الناسخ في الحقيقة هو الخطاب الدالّ على وجوب متابعته في فعله.
لأنّا نقول : لو لم يوجد لفظ دالّ على وجوب المتابعة ، ثمّ فعل ، ووجدت قرائن تفيد العلم بأنّ غرضه إزالة الحكم الّذي كان ثابتا ، فإنّه يكون نسخا إجماعا ، مع انتفاء الخطاب في هذه الصورة.
وأجيب : بأنّ فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس ناسخا لانّه مبلّغ عنه تعالى ، ففعله دليل على الخطاب الدالّ على نسخ الحكم ، لا أنّ نفس الفعل هو الدالّ على الارتفاع. (٢)
وفيه نظر ، فإنّا نسمّي الناسخ كلّ خطاب رفع حكما ، إمّا بالذات أو بالتبعيّة ، ولهذا يجوز نسخ السنّة بالسنّة وبالكتاب ، وبالعكس.
__________________
(١) المجيب هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٧٤.
(٢) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٧٤.