الثالث : إذا اختلف الأمّة على قولين ، سوّغت للعامّي الأخذ بأيّهما شاء ، فإذا أجمعت بعد ذلك على أحد القولين ، حرم تقليد الآخر فهذا الإجماع الثاني خطاب نسخ جواز الأخذ بأيّهما كان ، مع أنّ الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به.
ويمكن الجواب : بأنّ ما ذكرناه حدّ مطلق النسخ ، لا الجائز شرعا.
وأجيب (١) : بأنّ الحكم غير مستند إلى قول أهل الإجماع ، بل إلى الدّليل السمعيّ الموجب لإجماعهم على ذلك الحكم.
ويضعّف بما تقدّم.
الرابع : كون النسخ رفعا باطل ، على ما يأتي ، فلا يجوز أخذه في الحدّ.
الخامس : قوله : «بالخطاب المتقدّم» خطأ ، لأنّ المرتفع لو ثبت بفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكان رافعه ناسخا.
السادس : قوله : «متراخ عنه» زيادة مستغنى عنها ، فإن قوله : «على وجه لولاه لكان ثابتا» يغني عنه ، لأنّ ذكر التراخي (٢) إنّما وقع احترازا عن الخطاب المتّصل ، كالاستثناء ، والشرط ، والغاية ، وفي الحدّ ما يدفع النقض بذلك ، وهو : ارتفاع الحكم ، والخطاب المتّصل بالخطاب الأوّل في هذه الصّور ، ليس رافعا لحكم الخطاب المتقدّم في الذّكر ، بل هو مبيّن أنّ الخطاب المتقدّم لم يرد الحكم
__________________
(١) المجيب هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٧٤.
(٢) في «أ» : المتراخي.