كذا جاز أن يأمر زيدا في وقت ، ونهاه عنه في وقت آخر.
وأيضا ، فكما جاز أن يقول : «تمسكوا بالسبت ما عشتم إلّا السبت الفلاني» جاز أن يقول : «تمسّكوا بالسبت ما عشتم ما لم أنسخه عنكم» والعلم بذلك قطعيّ ، ولهذا اختلفت الأزمنة في وقوع العبادات فيها ، فبعضها يجب وقوع العبادة فيه ، وبعضها يجوز ، وبعضها يحرم ، وقد خصّ الشارع كلّ زمان بعبادة غير عبادة الزمان الآخر ، كأوقات الصلوات والحجّ والصوم ، ولو لا اختلاف المصالح باختلاف الأوقات لما كان كذلك.
وعلى الوقوع وجوه :
الأوّل : الأدلة القاطعة على نبوّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم قائمة ، وإنّما يصحّ مع القول بالنسخ.
الثاني : إجماع الأمّة على وقوع النسخ ، كما في الاستقبال إلى الكعبة ، الناسخ للاستقبال إلى بيت المقدس ، والاعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيّام الناسخ للاعتداد بالحول ، وغير ذلك من الآيات.
الثالث : قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)(١).
وجه الاستدلال : أنّ صحّة التمسّك بالكتاب إن توقّفت على صحّة النسخ ، عاد الأمر إلى أنّ نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تصحّ إلّا مع القول بالنسخ ، وقد صحّت
__________________
(١) البقرة : ١٠٦.