سلّمنا ، لكن لم لا يجوز أن لا ينقله أهل التواتر لإجماله ، فلذلك لم يشتهر اشتهار أصل شريعته.
لا يقال : إذا وصل أصل الشرع إلى أهل التواتر ، دون المخصّص ، أوصله إليهم ولم ينقلوه ، كما نقلوا الأصل ، جاز مثله في شرعنا ، فينتفي القطع بدوام شرعنا مع هذا التجويز ، بل نقل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم نسخ الصلوات الخمس ، وصوم رمضان ، ولم ينقل ، وإن انتفى هذان الاحتمالان ، بطل النسخ.
لأنّا نقول : إنّما يلزم ذلك ، لو كان في اليهود من العدد من يحصل العلم بقولهم في كلّ عصر ، وليس كذلك ، فإنّ «بخت نصّر» استأصلهم ، وانقطع تواترهم ، فلا جرم انقطعت الحجّة بقولهم ، بخلاف شرعنا ، فإنّ نقلته بلغوا حدّ التواتر في كلّ عصر ، فلم يجز الإخلال بشيء ممّا أبلغه إلى حدّ التواتر.
وعلى اختيار الباقين ، يمنع كونه تلبيسا ، بل هو كإنزال المتشابهات على ما سبق.
وعن الثاني بوجوه :
الأوّل : نمنع أنّ موسى عليهالسلام قال ذلك ، وتواتر اليهود انقطع ، وقد نسب وضع هذا القول إلى ابن الراوندي (١) ليعارض به دعوى الرسالة من محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لما ظهر من استهزائه بالدّين ، ولهذا لمّا أسلم أحبارهم
__________________
(١) أحمد بن يحيى بن محمد بن اسحاق أبو الحسين الراوندي أو ابن الراوندي كان من متكلّمي المعتزلة ثم اعتنق مذهب الشيعة الإمامية ورمي بعقائد فاسدة ، توفّي سنة ٢٤٥ ه. اقرأ ترجمته في طبقات المتكلمين : ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٥.