قيل عليه (١) : إن أردت بدلالة الأمر والنّهي على مفهومين متناقضين : دلالة الأمر على الإثبات ، والنّهي على النّفي ، فمسلّم ، لكن ذلك لا يوجب التناقض إلّا مع اتّحاد الوقت ، لأنّ صدق الإثبات في وقت يستلزم صدق الإثبات ، وصدق النفي في وقت يستلزم صدق النفي ، وكما لا تناقض بين الإثبات في وقت والنفي في آخر ، كذا لا تناقض بين المطلقين.
وفيه نظر ، لأنّا استدللنا بالعرف على التناقض على كون النّهي للدّوام ، لما قرّره (٢) من امتناع التّناقض بين المطلقين.
الثالث : قولنا : «لا تضرب» يمكن حمله على التكرار ، وقد دلّ الدليل عليه ، فيجب المصير إليه.
أمّا الأوّل فلإمكان امتناع الإنسان عن الفعل دائما من غير عسر.
وأمّا الثانية فلانتفاء دلالة الصيغة على وقت دون وقت ، فإمّا أن يحمل على الكلّ ، وهو المراد أو لا يحمل على شيء البتّة ، وهو محال ، أو يحمل على البعض دون الآخر ، ويلزم منه الترجيح من غير مرجّح.
قيل عليه (٣) : لا دلالة في النّهي إلّا على مسمّى الامتناع ، فحيث تحقّق هذا المسمّى ، وقع الخروج عن عهدة التكليف.
وفيه نظر ، لأنّ مسمّى الامتناع إنّما يتحقّق بدوامه.
__________________
(١) القائل هو الرازي في محصوله : ١ / ٣٤٠.
(٢) في «ج» : لما قدّره.
(٣) القائل هو الرازي في محصوله : ١ / ٣٤٠.