اعترضه أبو الحسين (١) : بأنّ الفساد يجب لو كان ذلك شرطا في صحّته ، ولو لم يكن شرطا في صحّته ، لم يجب فساده.
ولا فرق بين الشرط الشرعي وغيره ، فلا معنى للتقييد بكونه شرعيّا.
وأيضا ، إذا فسد لانتفاء شرطه الشرعي ، فإن علمتم ذلك بظاهر النّهي ، فقد سلّمتم أنّ ظاهر النهي يدلّ على الفساد ، وإن علمتم بقرينة ، فأخبرونا عن تلك القرينة ، لتكونوا قد أشرتم إلى الفرق بين ما لا يدلّ على الفساد.
وإن قالوا : علمنا أنّ ذلك شرط في الصحّة بدليل غير النهي ، نحو أن نعلم أنّ الوضوء شرط في الصلاة ، ثمّ نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الصّلاة بغير وضوء ، فيعلم أنّها فاسدة بغير وضوء.
وقد أشار قاضي القضاة إلى ذلك.
قلنا : فحينئذ نعلم الفساد بما دلّ على أنّ الوضوء شرط في صحّتها ، فإنّا إذا علمنا ذلك ، علمنا فساد الصلاة إذا لم يكن الوضوء ، سواء نهينا عن الصّلاة بغير وضوء ، أو لا.
الثاني : المنهيّ عنه الفاسد هو ما توصّل به إلى تحليل محرّم في الأصل ، كأكل الميتة ، واستحلال الفروج ، وغير الفاسد ما لم يكن وصلة إلى محرّم في الأصل ، وهذا باطل ، فإنّ مرادهم إن كان أنّ الحرام صار به حلالا على التحقيق ، فهو مناقضة ، لأنّه إذا صار به حلالا ، فهو صحيح غير فاسد ، إذ لا معنى لكون الوصلة صحيحة ، إلّا أنّها وصلة إلى تحليل هذا المحرّم من الفروج.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ١٧٩.