اسحاق النظام (١) : إنّ الصّلاة مجزئة ، مسقطة للفرض. ومنع الجبائيّان ، والإماميّة ، والظاهريّة ، والزيديّة من ذلك ، لما تقدّم.
ولأنّ صحّة الصّلاة إمّا أن يراد بها أنّها داخلة تحت التعبّد ، أو أنّها تقوم مقام ما يدخل تحت التعبّد ، والأوّل باطل ، لاستحالة التعبّد بالنّسخ ، والثاني يكفي في نفيه أن لا يدلّ دليل على أنّها تقوم مقام ما يدخل تحت التكليف وإذا لم يدلّ دليل على ذلك ، ولا هي داخلة تحت التّكليف ، وجب إعادتها لبقاء التّعبّد.
وعلى هذا التقرير ، لا يجوز صلاة من ستر عورته بثوب مغصوب ، وعليه المعتزلة ، واختلفوا في سترها بثوب مملوك إذا لبس فوقه ثوبا مغصوبا ، فجوّزها بعضهم ، لأنّ فعله في الثوب الأعلى ، ليس من الصّلاة.
ومنعها آخرون ، لأنّ قيامه وقعوده تصرّف في كلا الثوبين.
وهو الحقّ عندي.
وقالت المعتزلة أيضا : إنّ المودع أو الغاصب إذا طولب بردّ الوديعة والغصب ، فتشاغل بالصّلاة مع اتّساع الوقت ، لا تصحّ صلاته ، وإن ضاق الوقت بحيث يخاف الفوت لو تشاغل بالردّ لم تبطل إن لم يتضرّر المالك بالتأخير ضررا شديدا ، وإن تضرّر بطلت.
وكذا قالوا : لو صلّى وهو يرى من يغرق ، أو يهلك بنار ، ويرجو تخليصه بطلت.
__________________
(١) هو إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري ، أبو اسحاق النظّام من أئمة المعتزلة ، وانفرد بآراء خاصّة تابعته فرقة من المعتزلة سمّيت «النظاميّة» نسبة إليه ، وتوفّي سنة ٢٣١ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ١ / ٤٣.