يُغَشِّيْكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ).
لقد كانَ هذا النومُ الرغيدُ سبباً في تجديد قواهم والاستعداد للمعركة الحاسمة في ساحة المعركة ببدر صباحاً ، وبخاصة بعد قطع تلك المسافة الطويلة إلى حدٍ ما ، تلك المعركة التي انتهت بنصرٍ مبينٍ للمسلمين.
ولعلَّ تَعبير «النُّعاس» إشارة إلى عدم استحواذ النوم العميق عليهم بالرغم من تمتعهم بالراحةِ ، كي لا يستغلَ العدوُّ الوضعَ السائد ويباغِتَهُم ليلاً ، ولهذا كانت حقيقةُ ذلك النوم نعمةً وكيفيتُهُ نعمةً اخرى.
على أيّةِ حالٍ ، فانَّ الآيَة أعلاه تعتبر تأكيداً على أثر النوم على أعصاب وجسمِ وروح الإنسان أيضاً ، وتجديد الطاقات من أجل مثابرَة أكثر وجهادٍ أكثر فاعليةً في كافة المراحل.
* * *
توضيح
ظاهرة النوم الخفيّة :
مع أنَ «النوم» و «الرؤيا» تعتبر بالنسبة لنا أمراً عادياً ، إلّاأنّ العلماء لم يتوصلوا إلى عمق هاتين الظاهرتين المهمتين بالرغم ممّا بذلوه من مساعٍ وجهود.
فايُّ فِعْلٍ وانفعالاتٍ تطرأُ على جسم الإنسان ليتوقف فجأة القسم الأعظم من نشاطاته الجسمية والروحية؟! ويحصلُ هذا التغيير في جميع أجزاء جسمه وروحهِ كذلك ، فلا يفهمُ شيئاً ولا يبدي أىَّ حركةٍ ويستلقي جانباً كالميت ، ولو غرقت الدنيا بأكملها فهو نائمٌ لا يدري.
ومع كل هذه التوضيحات والآراء والفرضيات التي قيلت في هذا المجال ، فقد حافظ النوم على صورته المدهشة!
والأكثر عجباً من ذلك مسألةُ «الرؤيا» التي تُعَدُّ من الألغاز العظيمة كروح الإنسان.
وطبعاً أنّ الحديث المفصَّلَ بصدد حقيقة وأسرار هاتين الظاهرتين خارجٌ عن موضوع بحثنا ، لأنَّ الغايةَ من بحث الآيات المذكورة هي بيان المنافع الكثيرة ، والفوائد التي لا تُحصى للنوم من جانب ومن جانب آخر كونه نعمة من نعم الله.