ولأي بقعةٍ من بقاع الأرض ، ونعلمُ جيداً بانّه أينما يوجد نظامٌ دقيق فانّه يكمنُ وراؤه علمٌ وعقلٌ ولبٌ مدبرٌ.
* * *
وفي الآية الثالثة ذكر مسألة اختلاف الألسن والألوان ، التي هي من آيات الأنفس ، إلى جانب مسألة خلق السماوات والأرض التي هي من آيات الآفاق ، حيث يقول تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وأَخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَالْوانِكُمْ).
وقد يكون اختلاف الألسن والألوان بمعنى اختلاف اللغات التي يتكلم بها الناس ، وألوان وجوههم ، أو بمعنى لحن أصواتهم واسلوب حياتهم ، وتفكيرهم وأذواقهم ، وقابلياتهم ، أو جميعها ، فهذا التنوع العجيب الذي يكون وسيلة لتعرف الناس على بعضهم ، وإلى عدم خلو أيٍّ من المناصب الاجتماعية ، من خلال النظام الدقيق الذي يسودُه ، لا ينفصل عن النظام العجيب السائد في السماوات والأرض بل يرتبطان معاً ، وكلٌ دليلٌ على عظمة وقدرة وتدبر الذات المقدسةِ للهِ ، عزوجل.
* * *
وتشير الآيتان الرابعة والخامسة إلى خلق السماوات والأرض فقط، وتَعُدُّهُ من آيات اللهِ، لأنّ ممّا لاريب فيه أنّ هذا الخلق العظيم هو من آيات الله البينات، غير أنَّ الآية الخامسة استندت إلى مسألة التقنيين والهدف من هذا الخلق وبيانه من خلال تعبير «بالحق».
* * *
وفي الآية السادسة طُرحَ موضوعٌ جديدٌ ألا وهو خلق السماوات والأرض في ستة أيّامٍ ، إذ يقول تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَواتِ وَالارْضَ فِى سِتَّة أَيَّامٍ).