و «خِلْفَة» : على وزن «فِتنه» ، وكما يقول الراغب في «المفردات» فانّها تُطلقُ على شيئين يخلف أحدُهما الآخرَ باستمرار ، لكن «خلفة» تعني «مختلف» وفقاً لرأي الفيروز آبادي في «قاموس اللغة» ، ففي الحالة الاولى ينصبُّ الاهتمام على تناوب الليل والنّهار ، فلو لم يكن هذا التناوب دقيقاً ومحسوباً ، فإمّا أنْ تحترق موجودات الأرض من شدة حرارة ضوء الشمس أو تنجمد منْ شدةِ البرودة ، وفي الحالة الثانية إشارة إلى اختلاف اللّيل والنّهار وحصول فصول السنة الأربعة التي لها آثار خاصة في حياة الإنسان.
واختار بعضُ المفسرين المعنى الأول ، بينما ذهبَ البعضُ الآخر إلى المعنى الثاني ، ولكن ليس هنالك من مانعٍ في الجمع بين هذين المعنيين.
وورد في الروايات أنّ الإنسان يستطيع أن يقضي في النّهار ما فاته من عبادات الليل وبالعكس ، واعتُبِر أنّ الآية تشير إلى هذا المعنى (١).
ولا يتعارض هذا التفسير مع التفاسير السابقة أيضاً ، وعلى أية حالٍ ، فانَّ الآية تشير إلى نظامٍ خاصٍ ومتناوبٍ لظاهرة لليل والنّهار حيث تدلل على العلم والقدرة اللامتناهية للخالق جلَّ وعلا ، بشكلٍ لو كانت دورة الأرض حول نفسها اسرعُ بقليلٍ أو أكثر بطءً ممّا عليه الآن لطال اللَّيلُ والنّهار وتعَّرضت حياة الناس بل كافة الموجودات على الأرض إلى الخطر.
* * *
والحديث في الآية الثامنة عن تسخير الليل والنّهار وخدمتهما للإنسان إذ يقول :(وسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ).
وبما أنّ شرحَ معنى التسخير قد مرَّ سابقاً في موارد مشابهة فلا نرى حاجةً للإعادة.
* * *
__________________
(١) ورد هذا التفسير في حديث عن النبي صلىاللهعليهوآله «طبقاً» لما نُقل في تفسير الفخر الرازي ، وفي حديث عن الصادق عليهالسلام «طبقاً» لما نُقل في تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، الآية المورد البحث.