وقد نقوم بخزنها عن طريق تجميدها في قمم الجبال على هيئة جليد وثلجٍ كي تصبح ماءً بشكلٍ تدريجيٍ ، ونسقيكم أنتم وحيواناتكم ومزارعكم ، وربّما تكون المياه التي تنحدر من القمَّة الفلانية اليوم مخزونةً منذ ملايين السنين.
* * *
وفي الآية التاسعة ، فبالاضافة إلى إشارته إلى نزول الأمطار من السماء ، فهو يشير إلى مسألة تكوُّنِ الينابيع ، فيقول : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ انْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيْعَ).
و «ينابيع» : جمع «ينبوع» وتعني العَيْن ، وهي في الأصل مأخوذة من مادة (نَبْعْ) وتعني انبثاق الماء من الأرض ، ومن الطبيعي إنَّ تكوُّنَ الينابيع في الأرض الذي يجعل الإنسان يستفيد من الماء الجاري بدون الحاجة إلى قوة اخرى ، يتبع ظروفاً خاصةً أولُها : أن تكون طبقة الأرض قابلة للاختراق كي يتغلغل الماء خلالها ، ثم يجب أن يكون ما تحت هذه الطبقة صلداً كي يتوقف الماء ويُخزنَ هناك ، وأن يكون هناك فارقٌ في المستوى بين خزانات المياه والمناطق الاخرى حتى ينسابَ الماء من هناك إلى بقية النقاط ، ومن المسلَّم به استحالةُ تناسق هذه الأمور لولا تخطيط مُبديء العلم والقدرة.
ويضيف في سياق الآية : (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعَاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ).
فيمكنُ أنْ يكون اختلاف الألوان هذا إشارة إلى ألوان النباتات المختلفة تماماً ، أو إشارة إلى أنواع النباتات وأزهار الزينة والاعشاب الطبية والصناعية والخضروات التي يأكلها الإنسان والتي لها أنواع لا تحصى في الواقع.
أَجَل .. إنّ الله تعالى يستخرج من هذا الماء الذي لا لون له مئات الآلاف من ألوان الورود والنباتات المنتشرة في هذه الرياض الكثيرة، وكما يقول الشاعر نقلاً عن اللغة الفارسية :
فإذا توصَّلت إلى أسرارها |
|
ستعرف أنّ هذا هو سر الأسرار |
حيث هناك واحدٌ ولا يوجد غيره |
|
«وحده لا اله إلّاهو» |
لهذا فهو يقول في نهاية الآية : (إِنَّ فى ذلِكَ لَذِكْرى لأُولى الألْبَاب).
* * *