هل يتمكن أن يعطي فاكهةً ملونةً من الخشب؟ |
|
أم يقدرُ أن يستخرج من الشوك ورداً بمائةٍ لون؟ |
لقد تناثر الارجوان على عتبة المرج الخضراء |
|
عيوناً تبقى الابصارُ حيرى فيه! |
* * *
وفي الآية الثامنة نواجه تنوعاً آخر في عالم النباتات والأشجار الذي يُطرح كأحِدِ ادلةِ التوحيد ومعرفة عظمة الله ، إذ يقول : (وهُوَ الَّذِى أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَعُروشَاتٍ وغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ).
«معروش» : من مادة «عَرْش» وتعني السرير المرتفع أو السقف ، وفي ما يعنيه هذا المفهوم فى هذه الآية ، هنالك خلاف بين المفسِّرين :
فقال بعضهم : إنّ «المعروشات» تعني النباتات التي تنساب على الأرض أو تتسلق على الأبنية أو على هيكل من حديد أو خشب يصنع لها ، مثل الأعناب والخيار والبطيخ. و «غَيْرَ مَعْرُوْشات» ما قام على ساق مثل النخل وسائر الأشجار : وقال البعض الآخر : المعروشات ما ارتفعت أشجارها وأصل التعريش الرفع ، عن ابن عباس ، وقالوا أيضاً : المعروشات ما أثبته ورفعه الناس ـ واحيط بسور ـ ، وغير المعروشات ما خرج في البراري والجبال من الثمار (١).
ولكن يظهر أنَّ التفسير الأول أكثر ملائمةً.
على أيّة حالٍ ، فالعجب أنَّ بعض الأشجار كالسرو والصنوبر ترتفع في السماء برتابة ولا تستطيع الرياح العاتية والعواصف من التأثير على قامتها ، في حين أنَّ البعض الآخر كأشجار الكروم لا تملك غصناً مستقيماً واحداً ، وتهتز وتنحني باستمرار ، وكلٌّ منها له عالمهُ الخاص.
فأشجار العنب بعناقيدها الثقيلة لو كانت لها قامة كاشجار الصنوبر لانكسرت ولم
__________________
(١) وردت هذه التفاسير الثلاثة في تفسير القرطبي ، ج ٤ ، ص ٢٥٣٤.