أبوابُ الرزق ، وبالعكس فقد نرى مثابرين ومستحقين أينما يولّوا وجوههم فانَّ الأبواب مغلقة أمامهم ، كما يقول الشاعر العربي المعروف :
كم عاقلٍ عاقلٍ أَعْيَتْ مذاهبُهُ |
|
وجاهلٍ جاهلٍ تلقاهُ مرزوقاً |
وهذا من أجل أن لا يضيع الإنسان في عالم الأسباب وليعلمَ أنّ وراء هذا العالم ، يداً قادرةً تديرُهُ وتعلو قدرتها فوق جميع القدرات ، وكي لا يصيبَ الغرورُ المتنعمين والمستفيدين بسبب إمكانياتهم ، فيظلموا ويطغوا ، وحتى لا ييأس ذوو الإمكانيات المحدودة ، لأَنَّه من الممكن أن يتغيَر الوضعُ في كل لحظةٍ حسبَ الإرادة والمشيئةِ الإلهيّة.
وبتعبير آخر : من أجل توفر الرزق والقوت لكل إنسان تتظافر عشرات الأسباب أحدها سعي الإنسان ومثابرته ، حتى أنَّ الله قد منح القدرة على السعي والمثابرة ودوافعهما أيضاً.
وهنا يتمكن الإنسان من فهم نفحات من الذات الإلهيّة المقدّسة من خلال مسألة سعة الرزق وضيقه ، فقد قال في نهاية الآية : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) اولئك الذين لديهم استعدادٌ لقبول الحق بسبب إيمانهم ، ويتعرّفون أكثر على الذات المقدّسة من خلال مشاهدة هذه الميادين يومياً.
وفي الحقيقة أنَّ الأية أعلاه قد تكرر مضمونُها ومحتواها عشر مرات في القرآن الكريم تشبه ما نُقل عن أميرالمؤمنين عليهالسلام حيث يقول : «عَرَفْتُ الله سبحانه بفسخ العزائم وحلِّ العقود ونقضِ الهِمَمِ» (١).
وتشابه ما نُقلَ عن بعض المفسِّرين أنَّ أحدَ العلماء سُئل عن الدليل على وحدانية الله؟ فقال : «ثلاثة ادلّة : ذلُّ اللّبيب وفقرُ الأديب وسُقمُ الطبيب» (٢).
والتعبير بـ (اوَلَمْ يَرَوا) إشارة إلى أنْ لو تمعنَ الإنسان قليلاً في حياة الناس لرأى هذه الاختلافات جيداً.
ولابدّ من ذكر هذه النكتة وهي أنَّ إرتباط سعة وضيق الرزق بالإرادة الإلهيّة يعني
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ٢٥٠.
(٢) تفسير روح البيان ، ج ٧ ، ص ٣٩.