المقدّسة ، وهو متفردٌ في كافة النواحي ، إلّاأنَّ التفسير الأول يبدو أكثر صواباً من خلال ما ذكرناه من قرينة.
على أيّةِ حالٍ ، فقد ذُكرَ خلقُ الأزواجِ من جانبٍ وخلق الانعامِ للركوب من جانبٍ آخر في هذه الآية براهين عن الوجود المقدَّسِ لله تبارك وتعالى.
إنَّ النظامَ الدقيق الذي يسود مسألة التكاثر في الموجودات الحيَّةِ والحيوانات نظامٌ معقَدٌ وعجيبٌ للغاية ، فما هي العوامل التي تؤدّي إلى أن يكون الجنين في رحم امه ذكراً أو انثى؟ وما هي العوامل التي تؤدّي إلى حفظ التوازن بين جنس الذكر والانثى؟ وما هي العوامل التي تؤدّي إلى أنْ ينجذبَ أحدُهما نحو الآخر كي تحصل مُقدَّماتُ الحمل؟ وما هي العوامل التي تعمل على تكاملهِ في مرحلةِ الحياة الجنينيةِ المعقدة؟
فإذا تأملنا جيداً ، لوقَعَ بصرُنا على آياتٍ عظيمةٍ من آياتِ الله في هذا الطريق الطويل ، وفيما يخص تذليل الحيوانات لركوبها.
ثم تحدَّثَ عن تسخير هذه الحيوانات القوية والضخمة للإنسان ، قائلاً : (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُوْرِهِ ثُمَّ تَذكُروُا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُم عَلَيْهِ وتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِيْنَ).
صحيحٌ أننا ننظرُ إلى هذه المسألة نظرةً بسيطة جرّاء اعتيادنا عليها يومياً ، حيث نرى قوافل كبيرة من الابل والخيل ، وحتى حيواناتِ ضخمة كالفيلة مُسَخَّرة بيد طفلٍ صغيرٍ ، وأحياناً يُودَعُ عنانُ قافلةٍ منها بيد طفلٍ فيقودها حيث يشاء ، إلّاأنَّها في الحقيقةِ ليست أمراً هيّناً ، فلو كان لأحدها أقلُّ حالةٍ من التمرد والمواجهة فلا يستفاد منها في الركوب أبداً بل لأَصبحت تربيتُها من قِبل الإنسان خطيرةً جدّاً.
فنحن لا نستطيع أنْ نُربّي بازاً مشاجراً ، وحتى قطة غاضبة وهائجة ، فكيف نُربّي هذه الحيوانات الكبيرة القوية التي يمتلك بعضها قروناً وبعضها ذات اسنانٍ قاطعةٍ وفكٍ قويٍّ ، وارجل بعضها قوية وكبيرة تستخدمها للضرب والركل ، فإذا لم تكن مطيعة فكيف