وقوله : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(١) أى نطلب منكم السّلامة ، فيكون (سَلاماً) منصوبا بإضمار فعل. وقيل معناه : قالوا سدادا من القول ، فيكون صفة لمصدر محذوف.
وقوله : (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(٢) إنّما رفع الثّانى لأنّ الرفع فى باب الدّعاء أبلغ ، فكأنّه يجرى فى باب الأدب المأمور به فى قوله : (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها)(٣). ومن (٤) قرأ (سلم) فلأن السّلام لمّا كان يقتضى السّلم وكان إبراهيم عليهالسلام قد أوجس منهم فى نفسه خيفة ، فلمّا رآهم مسلّمين تصوّر من تسليمهم أنّهم قد بذلوا له سلما ، فقال فى جوابهم : (سلم) تنبيها أنّ ذلك حصل من جهتى لكم ، كما حصل من جهتكم لى.
وقوله : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً)(٥) هذا لا يكون لهم بالقول فقط ، بل ذلك بالقول والفعل جميعا. وقوله : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ)(٦) هذا فى الظّاهر أنّه سلّم عليهم ، وفى الحقيقة سؤال الله السلامة (٧) منهم.
و (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ)(٨) ، وكذلك البواقى ، كلّ ذلك تنبيه من الله أنّه جعلهم بحيث يثنى عليهم ، ويدعى لهم.
__________________
(١) الآية ٦٣ سورة الفرقان.
(٢) الآية ٢٥ سورة الذاريات.
(٣) الآية ٨٦ سورة النساء.
(٤) الذى قرأ بذلك حمزة والكسائى ، كما فى الاتحاف.
(٥) الآية ٢٦ سورة الواقعة.
(٦) الآية ٨٩ سورة الزخرف.
(٧) فى الاصلين : «بالسلامة». وما أثبت من الراغب.
(٨) الآية ٧٩ سورة الصافات.