وروى أن أهل الكتاب كانوا يقولون [ذلك](١) للنبىّ صلىاللهعليهوسلم يوهمون أنّهم يعظّمونه ويدعون له ، وهم يدعون عليه بذلك.
وكلّ موضع أثبت فيه السّمع للمؤمنين أو نفى عن الكافرين أو حثّ على تحرّيه فالقصد به إلى تصوّر المعنى والتفكر فيه. وإذا وصف / الله بالسّمع فالمراد به (٢) علمه بالمسموعات وتحرّيه للمجازاة به ، نحو : (قَدْ سَمِعَ اللهُ)(٣) وقوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى)(٤) أى إنك لا تفهمهم ؛ لكونهم كالموتى فى افتقادهم ـ لسوء فعلهم ـ القوّة العاقلة الّتى هى الحياة المختصة بالإنسانية.
وقوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ)(٥) أى (يقوله فيه تعالى (٦)) من وقف على عجائب حكمته ، ولا يقال فيه : ما أبصره وما أسمعه لما تقدم ذكره ، وأن الله تعالى لا يوصف إلّا بما ورد به السّمع. وقوله فى صفة الكفار : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا)(٧) معناه : أنهم يسمعون ويبصرون فى ذلك اليوم ما خفى عنهم وضلّوا عنه اليوم ؛ لظلمهم أنفسهم وتركهم النّظر.
__________________
(١) زيادة من الراغب.
(٢) هذا جنوح الى انكار السمع من الصفات الذاتية ورده الى العلم ، وقد تبع فى هذا الراغب وهو فى علم الكلام على رأى المعتزلة. والأشاعرة يثبتون السمع والبصر صفتين زائدتين على العلم. راجع الجوهرة وغيرها.
(٣) صدر سورة المجادلة.
(٤) الآية ٨٠ سورة النمل.
(٥) الآية ٢٦ سورة الكهف.
(٦) عبارة الراغب. «يقول فيه تعالى ذلك».
(٧) الآية ٣٨ سورة مريم.