والثانى : بحسب اعتبار الطبع ، وذلك ما يستخفه الطبع وما يستثقله ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ)(١) ، وقوله : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ)(٢) ، أى مكان الجدب والسنة (٣) الخصب والحيا. (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ)(٤) ، أى يطلبون العذاب. وقوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ)(٥) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالضّمّ ، يعنى الهزيمة والشرّ. وقرأ الباقون بالفتح ، وهو من المساءة ، أى ما يسوءهم فى العاقبة.
وقوله : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا)(٦) ، فساء هاهنا تجرى مجرى بئس. وقوله : (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٧) ، نسب ذلك إلى الوجه من حيث إنّه يبدو فى الوجه أثر السّرور والغمّ. وقوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً)(٨) : حلّ بهم ما يسوءهم.
وكنى عن الفرج وعن العورة بالسّوءة ، قال : (لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)(٩) ، وقال : (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)(١٠).
واستاء من السّوء افتعل منه ؛ كما تقول من الغم : اغتمّ. وفى حديث النبىّ صلىاللهعليهوسلم أن رجلا قصّ عليه رؤيا فاستاء لها ، ثمّ قال : «خلافة نبوّة ، ثمّ يؤتى الله الملك من يشاء».
__________________
(١) الآية ١٣١ سورة الأعراف
(٢) الآية ٩٥ سورة الأعراف
(٣) السنة هنا الجدب ، فالعطف للتفسير.
(٤) الآية ٦ سورة الرعد
(٥) الآية ٩٨ سورة التوبة
(٦) الآية ١٧٧ سورة الأعراف
(٧) الآية ٢٧ سورة الملك
(٨) الآية ٧٧ سورة هود
(٩) الآية ٣١ سورة المائدة
(١٠) الآية ١٢١ سورة طه