وهذه الجملة إذا تصوّرت علم أن كلّ ما ذكره المفسّرون لا يخرج عن هذه التّقاسيم ، نحو من قال : المتشابه الم ، وقول قتادة : المحكم الناسخ ، والمتشابه المنسوخ ، وقول الأصمّ : [المحكم حجة (١) ظاهرة. وقول غيرهم :] المحكم ما أجمع على تأويله ، والمتشابه ما اختلف فيه.
ثمّ جميع المتشابهات على ثلاثة أضرب :
ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه ؛ كوقت السّاعة ، وخروج دابّة الأرض ، وكيفيّة الدّابّة ، ونحو ذلك.
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته ، كالألفاظ الغريبة والأحكام المغلقة (٢).
وضرب متردّد بين الأمرين ، نحو أن يختصّ بمعرفة حقيقته بعض الرّاسخين فى العلم ، ويخفى على [من] دونهم ، وهو المشار إليه بقوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ فقّهه فى الدّين وعلّمه التّأويل (٣)» ، وقوله لابن عبّاس مثل ذلك. فإذا عرفت هذا الجملة عرفت أنّ الوقف على قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ)(٤) ووصله بقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(٥)
__________________
(١) زيادة من الراغب
(٢) فى الأصلين : «العقلية». وما أثبت عن الراغب
(٣) هذا من دعاء النبى صلىاللهعليهوسلم لابن عباس. وقد ورد فى البخارى فى كتاب العلم. واللفظ فيه : اللهم علمه الكتاب. فأما الرواية التى هنا فهى عند البغوى فى معجم الصحابة ، كما فى شرح القسطلانى ١ / ٢٠٤ من طبعة بولاق. وظاهر قول المؤلف أن هذا القول ليس فى ابن عباس ، وهو فى هذا تابع للراغب.
(٤) الآية ٧ سورة آل عمران