قالوا : و [من](١) الفرق بينهما أنّ إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدّم إرادة الله ؛ فإنّ الإنسان قد يريد ألّا يموت ويأبى الله ذلك ، ومشيئته لا تكون إلّا بعد مشيئته ، كقوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٢). وروى أنه لمّا نزل قوله تعالى : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)(٣) قال الكفّار : الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل الله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ). وقال بعضهم : لو لا أنّ الأمور كلّها موقوفة على مشيئة الله ، وأن أفعالنا متعلّقة بها ، وموقوفة عليها ، لما أجمع النّاس على تعليق الاستثناء به فى جميع أفعالنا ؛ نحو : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(٤) ونحوه من الآيات.
والشىء تصغيره شيىء وشيىء بكسر الشين. ولا تقل : شوىء. والجمع : أشياء غير مصروفة. قال الخليل : إنّما ترك صرفها لأنّ أصلها فعلاء [جمعت](٥) على غير واحدها ؛ كما أنّ الشّعراء جمعت على غير واحدها ؛ لأنّ الفاعل لا يجمع على فعلاء ، ثمّ استثقلوا الهمزتين فى آخرها ، فنقلوا الأولى إلى أوّل الكلمة ، فقالوا : أشياء ، كما قالوا : عقاب بعنقاة (٦) ، وأينق ، وقسىّ ، فصار تقديرها : لفعاء. يدل على صحّة ذلك أنها لا تصرف ، وأنّها تصغّر على أشيّاء ، وأنّها تجمع على أشاوى وأصلها أشاييئ ،
__________________
(١) زيادة من الراغب.
(٢) الآية ٣٠ سورة الانسان والآية ٢٩ سورة التكوير.
(٣) الآية ٢٨ سورة التكوير.
(٤) الآية ١٠٢ سورة الصافات.
(٥) زيادة يقتضيها السياق والتنظير بشعراء. ونسبة الجمع الى الخليل جاءت فى كلام الجوهرى وردها المؤلف فى القاموس فان أشياء عند الخليل اسم جمع لا جمع ، كما يأتى فى كلامه هنا.
(٦) أى ذات مخالب حداد.