الشيطان ، هنا عبارة عن الشّهوة (١) ، فإن كلّ قوّة ذميمة تسمى شيطانا. وقيل : بل أراد برجز الشيطان ما يدعو إليه من الكفر (٢) والبهتان والفساد.
والرّجس : الشىء القذر. يقال : رجل رجس ، ورجال أرجاس.
وهو على أربعة أوجه : إمّا من حيث الطّبع ، وإمّا من جهة العقل ، وإمّا من جهة الشرع ، وإمّا من كلّ ذلك ، كالميتة فإنّها تعاف طبعا وعقلا وشرعا.
والرّجس من جهة الشرع : الخمر والميسر ، وقيل : إنّ ذلك رجس من جهة العقل ، وعلى ذلك نبّه بقوله (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما)(٣) لأنّ كلّ ما يزيد إثمه على نفعه فالعقل يقتضى اجتنابه. وجعل الكافرين رجسا (٤) من حيث إنّ الشرك أقبح الأشياء.
وقوله تعالى : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)(٥) ، قيل : الرّجس : النتن ، وقيل : العذاب ، وذلك كقوله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)(٦).
__________________
(١) وكان رجزها الجنابة ، وهذا يوافق تفسير البيضاوى. وكانت الجنابة أن احتلم أكثرهم واحتاجوا الى الغسل فأنزل الله المطر. وتفسير رجز الشيطان بالجنابة يأتى على ابقاء الشيطان فى حقيقته ، فان الاحتلام يأتى بتخيل الشيطان ، كما فى البيضاوى.
(٢) فى البيضاوى أن رجز الشيطان وسوسته وتخويفه أياهم من العطش ، وكان المسلمون نزلوا على غير ماء ، ونزل المشركون على ماء.
(٣) الآية ٢١٩ سورة البقرة.
(٤) أى فى قوله تعالى فى الآية ٩٥ سورة التوبة : (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ).
(٥) الآية ١٠٠ سورة يونس.
(٦) الآية ٢٨ سورة التوبة.