والصّلاة من العبادات الّتى لم تنفكّ شريعة منها ، وإن اختلفت صورها بحسب شرع شرع (١) ، ولذلك قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(٢)
وقال بعضهم : أصل الصّلاة من الصلى. ومعنى صلّى الرّجل أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلى الذى هو نار (٣) الله الموقدة. وبناء صلّى بناء مرّض وقرّد : إذا أزال المرض والقراد
ويسمّى موضع العبادة الصّلاة ، ولذلك سمّيت الكنائس صلوات. قال تعالى : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ)(٤).
وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصّلاة أو حثّ عليها ذكر بلفظ الإقامة ، نحو قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ)(٥) ، (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٦). ولم يقل المصلّين إلّا فى المنافقين ، نحو قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ)(٧) وقوله : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى)(٨). وإنّما خصّ لفظ الإقامة تنبيها أنّ المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها ، لا الإتيان بهيئاتها فقط ، ولهذا روى أنّ المصلّين كثير ، والمقيمين لها قليل.
__________________
(١) فى التاج نقلا عن الراغب : «فشرع»
(٢) الآية ١٠٣ سورة النساء
(٣) المعروف فى الصلى أنه مقاساة حر النار ، وكأنه أطلق الصلى على النار من اطلاق السبب على ما يصدر عنه
(٤) الآية ٤٠ سورة الحج
(٥) الآية ١٦٢ سورة النساء
(٦) الآية ٤٣ سورة البقرة. ووردت فى مواطن أخرى.
(٧) الآية ٤ سورة الماعون
(٨) الآية ٥٤ سورة التوبة