فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)(١) قيل : هذا أمر معناه الخبر ، كأنّه قال : من لم يستحى صنع ما شاء. وقيل : معناه أن يريد الرّجل أن يعمل الخير فيدعه حياء من النّاس ، كأنّه يخاف مذهب الرّياء ، أى لا يمنعك الحياء من المضىّ لما أردت. وهذا معنى صحيح يشبهه حديثه الآخر : «إذا جاءك الشيطان وأنت تصلّى فقال : إنّك ترائى فزدها طولا». قال :
إذا لم تخش عاقبة اللّيالى |
|
ولم تستحى فاصنع ما تشاء |
وقوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)(٢) ، قال الزّجّاج : القراءة بالنصب ، ويجوز الرّفع ، فمن نصب فعلى المصدر. وقوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) دليل على الصّنعة ، كأنّه قال : صنع الله ذلك صنعا. ومن قرأ بالضمّ فعلى معنى : ذلك صنع الله.
والمصنعة كالحوض يجمع فيها ماء المطر ، وكذلك الصّنع ، قال الله تعالى : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ)(٣). والمصانع : المبانى من القصور والحصون. قال لبيد رضى الله عنه :
بلينا وما تبلى النّجوم الطوالع |
|
وتبقى الجبال بعدنا والمصانع |
وقال الأصمعى : العرب تسمّى القرى مصانع ، وأنشد لتميم بن أبىّ ابن مقبل :
__________________
(١) الآية ٢٩ سورة الكهف.
(٢) الآية ٨٨ سورة النمل
(٣) الآية ١٢٩ سورة الشعراء