لاستدعاء اللبن ، ودفع الأذى عن نفسه بالبكاء. والقوّة الثانية : التى بعد البلوغ. ويدل على أنّ كلّ واحد من قوله : (ضَعْفٍ) إشارة إلى حالة غير الحالة الأولى ذكره منكّرا ، والمنكّر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدّم عرّف ، كقولك : رأيت رجلا فقال لى الرّجل ، ومتى ذكر ثانيا منكّرا أريد به غير الأوّل ، ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)(١) : لن يغلب عسر يسرين
وقوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢) فضعفه كثرة حاجاته التى يستغنى عنها الملأ الأعلى. وقوله : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً)(٣) فضعف كيده إنما هو مع (من صار) من (٤) عباد الله المذكورين فى قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ).
والضّعف من الأسماء المتضايفة التى يقتضى وجود أحدهما وجود الآخر ؛ كالنصف والزوج ، وهو تركّب قدرين متساويين ، ويختصّ بالعدد. فإذا قيل : أضعفت الشىء وضعّفته وضاعفته : ضممت إليه مثله فصاعدا. وقال بعضهم : ضاعفت أبلغ من ضعّفت ، ولهذا قرأ أكثرهم (يُضاعَف) قال تعالى : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(٥) ، ومن قال : ضعفته بالتخفيف
__________________
(١) الآيتان ٥ ، ٦ سورة الشرح.
(٢) الآية ٢٨ سورة النساء.
(٣) الآية ٧٦ سورة النساء.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ب. وما أثبت من أ ، وفيه (صدره) بدر (صار) والتصحيح من الراغب.
(٥) الآية ٤٠ سورة النساء.