إذا لم تستطع أمرا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع |
وقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ)(١) ، أى هل يقدر. وقرأ الكسائىّ : (هل تستطيع ربّك) بالتّاء ونصب الباء ، أى هل تستدعى إجابته فى أن ينزل علينا مائدة من السّماء ، أو هل تستطيع سؤال ربّك ، وهو استفعال (٢) من قولك : طاع لى يطوع.
وأصل الاستطاعة الاستطواع ، فلمّا أسقطت الواو جعلت الهاء بدلا منها. والمطّوّعة : الذين يتطوّعون بالجهاد ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ)(٣) ، أى المتطوّعين فأدغم.
والاستطاعة عند المحققين ، اسم للمعانى التى بها يتمكّن الإنسان ممّا يريده من إحداث الفعل ، وهى أربعة أشياء : بنية مخصوصة للفاعل ، وتصوّر للفعل ، ومادّة قابلة للتأثير / وآلة : إن كان الفعل آليّا ؛ كالكتابة ، فإنّ الكاتب يحتاج إلى هذه الأربعة فى إيجاده للكتابة ، ولذلك يقال : فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدا من هذه الأربعة فصاعدا. ويضادّه العجز ، وهو ألّا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدا. ومتى وجدها فمستطيع مطلقا ، ومتى فقدها فعاجز مطلقا. ومتى وجد بعضه دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه آخر ، ولأن يوصف بالعجز أولى. والاستطاعة أخصّ من القدرة.
__________________
(١) الآية ١١٢ سورة المائدة.
(٢) هذا أنسب للمعنى الأول.
(٣) الآية ٧٩ سورة التوبة.