وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) فإنه يحتاج إلى هذه الأربعة. وقوله صلىاللهعليهوسلم : «الاستطاعة الزّاد والراحلة» فإنه بيان لما يحتاج إليه من الآلة ، وخصّه بالذّكر دون الأخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى الشرع أن التكليف من دون تلك الأخر لا يصحّ.
قوله : (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ)(٢) ، الإشارة بالاستطاعة هاهنا إلى عدم الآلة من المال والظّهر (٣). وقد يقال : فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرّياضة ، وذلك يرجع إلى افتقاد الآلة وعدم التصوّر ، وقد يصحّ معه التّكليف ولا يصير به الإنسان معذورا. وعلى هذا الوجه قال : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٤) ، وقد حمل على هذا قوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ)(٥).
وقوله : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ)(٦) قيل : إنّهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله. وقيل : إنّهم لم يقصدوا قصد القدرة. وإنما قصدوا أنه : هل تقتضى الحكمة أن يفعل ذلك. وقيل : يستطيع ويطيع بمعنى واحد ، ومعناه : هل يجيب ، كقوله : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(٧) أى يجاب.
__________________
(١) الآية ٩٧ سورة آل عمران.
(٢) الآية ٤٢ سورة التوبة.
(٣) المراد ما يحمل عليه الأثقال ويركب من الدواب.
(٤) الآيات ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٥ سورة الكهف.
(٥) الآية ١٢٩ سورة النساء.
(٦) الآية ١١٢ سورة المائدة.
(٧) الآية ١٨ سورة غافر.