فصالحوهم على أن جعلوا لهم الرّدافة ويكفّوا عن أهل العراق.
وردفه ـ بالكسر ـ أى تبعة. والرّادفة فى قوله تعالى : (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)(١) : النفخة الثانية. وأردفته معه أى أركبته معه. وأردفه أمر : لغة فى ردفه ، مثال تبعه وأتبعه.
وقوله تعالى : (مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)(٢) ، قال الفرّاء : أى متتابعين. وقال غيره : أى جائين بعد. وقال بعضهم : معناه مردفين ملائكة أخرى ، فعلى هذا يكونون ممدّين بألفين من الملائكة. وقيل : عنى بالمردفين المتقدّمين للعسكر يلقون فى قلوب العدا الرّعب. وقال (٣) أبو جعفر ونافع ، ويعقوب ، وسهل : (مردفين) بفتح الدّال ، أى فعل ذلك بهم ، أى أردفهم الله بغيرهم. وقيل : مردفين أى أردف كلّ إنسان ملكا. قال خزيمة (من بنى (٤)) نهد :
إذا الجوزاء أردفت الثريّا |
|
ظننت بآل فاطمة الظّنونا (٥) |
ظننت بها وظنّ المرء حوب |
|
وإن أوفى وإن سكن الحجونا |
وحالت دون ذلك من همومى |
|
هموم تخرج الداء الدّفينا |
__________________
(١) الآية ٧ سورة النازعات.
(٢) الآية ٩ سورة الأنفال.
(٣) كذا ، والأولى قرأ
(٤) ب : «بن». وفى اللسان والتاج : «خزيمة بن مالك بن نهد»
(٥) «أردفت» فى البيت بمعنى ردفت أى تبعت. وظاهر كلام المؤلف يوهم خلاف ذلك. وفاطمة هى بنت يذكر بن عنزة أحد القارظين. ومعنى البيت : أن القوم يجتمعون على المياه ، حتى اذا جاء الحر جفت المياه ، وذلك حين تتبع الجوزاء الثريا وتردفها ، وحينئذ يتفرق القوم فى طلب المياه فى جهات يعرفونها ، ويأخذ كل فريق وجها ، فيذكر الشاعر أن عشيرة فاطمة محبوبته تذهب فى وجه غير وجه عشيرته ، فلا يدرى أين مضت ولا أين نزلت ، وتكثر ظنونه فى هذا الأمر.