فلما ذا قدم هذه الصفة بالذات يا ترى؟!
ولعل الجواب على هذا السؤال هو :
أن النذر هو تعهد ، والتزام أمام الله سبحانه بالعمل بأمر مّا ..
والذي نعرفه عن البشر أنهم في تعهداتهم لبعضهم أو فى منهم في تعهداتهم أمام الله سبحانه ..
وذلك لغفلتهم ، أو لضعف معرفتهم به تعالى ، أو لغير ذلك من أمور ، يمكن أن يكون الجامع فيما بينها :
أن إيمانهم بالله سبحانه لم يتجاوز حدود الخضوع للحكم العقلي ، والتعهد بالالتزام بهذا الحكم ، والوقوف عنده. وهذا هو الحد الأدنى الذي يخرجهم عن دائرة الكفر ، وليحملوا صفة الإيمان والإسلام ، وتترتب عليهم أحكامه ..
وانتهاؤهم إلى هذا الحد يعطي : أنهم لم يصل الأمر بهم إلى حد حضور الله في قلوبهم ، وانسيابه في أعماق وجودهم ، وهيمنته على مشاعرهم وأحاسيسهم .. بل بقي أمرا غيبيا بالنسبة إليهم. كما أن إيمانهم بالنبوة ، والنبي ، وصفاته ، وبالآخرة ، وحسابها ، وثوابها ، وعقابها ، ونعيمها ، وجحيمها ، لا يبتعد عن هذا الحال ..
فلم تتحول العقيدة بالله ، وبالآخرة ، وبالأنبياء ، والأوصياء إلى حالة وجدانية ، وضميرية. ولم تمازج الفطرة ، والمشاعر ، لتصبح حركة عفوية ، وطريقة حياة ، وليكون ذلك المعتقد إنسانا إلهيا يعيش الإسلام والقرآن ، واقعا حيا يتلمسه في كل ما يواجهه أو يحيط به ..
ولأجل هذا الضعف الظاهر ، في مستوى الوعي والإيمان ، نجد أنهم عند الممارسة تتناقض أفعالهم مع أقوالهم ، ومع اعتقاداتهم.