وهذا بلا شك يثير الخوف الحقيقي من يوم يكون هذا حال الشر فيه ، فإن الشر غير محدد النوع ، كما أنه لا مجال للشعور بالأمن في ظروف كهذه .. لأن توقعه صعب ، فلا يعرف متى يصل ومن أي جهة يأتي ، ولا أين يحل ..
والخوف من أمر كهذا. يتطلب درجة عالية من الحذر ، كما أنه يحتاج إلى إعداد قوي ، ومتنوع الاتجاهات ، بحيث يستطيع أن يواجه جميع الاحتمالات ..
كما أنه يجب أن لا يقتصر على أنواع معينة من القدرات ، في ماهيتها ، وفي كيفياتها ، وفي تأثيراتها ، فإن جميع الأنواع يجب أن تكون حاضرة ، وقادرة ، ومؤثرة ، وفاعلة ..
فليس الخوف هنا مجرد خشية قلبية ، بل هو يحمل معه : الحذر العملي ، والرصد ، والممارسة ، والتحصن ، والاستعداد.
وفي المقابل فإن استطارة هذا الشر ، وقدرته على الانتشار ، وعدم التحكم به والسيطرة عليه ، إنما يستند إلى أسبابه وعلله. فإن كونه كذلك لم يكن على سبيل العبث ، والصدفة. بل له مكوناته ، ويعتمد على مؤثرات أوجبت ذلك فيه .. لأن الشر ليس من خصوصيات ذات ذلك اليوم من حيث هو زمان. بل هناك مثيرات له ، ومحركات ، ومؤثرات فيه ، هي التي أوجدته ، وحركته ، وأعطته خصائصه تلك التي أشرنا إليها.
ومن هذه المؤثرات والمثيرات نفس أفعال الإنسان في هذه الدنيا. كما أنه سبحانه حتى حينما أوجد جهنم ليعاقب بها العصاة ، فإنه قد أعطى للبشر وسائل الوقاية منها ..
فالبشر كلهم سوف يمرون من فوق جهنم ، ولكن هناك من تهيء له