بقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً).
فبدأ تعالى بكلمة : «هل» فقيل : إن كلمة «هل» هنا بمعنى «قد» ، أي قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا .. وذلك قبل أن يخلقه الله .. أو قبل أن تنفخ فيه الروح .. أو حينما كان لا يزال نطفة.
وقيل : هي استفهامية ، جوابها الإثبات ، أي نعم قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا.
فلا فرق من حيث النتيجة بين هذا القول وبين سابقه.
ونقول :
لعل الصحيح هو ذلك وعكسه معا .. أي أنه بالنسبة لهذه النشأة الإنسانية قد أتى عليه زمان لم يكن شيئا مذكورا ، كما قال الإمام الحسين عليهالسلام في دعاء يوم عرفة : ابتدأتني بنعمك قبل أن أكون شيئا مذكورا ، خلقتني من التراب ، ثم أسكنتني الأصلاب الخ ..
وهو من جهة أخرى مذكور عند الله في جميع نشآته .. أي أن «هل» إستفهامية ، لكن المقصود من الاستفهام ، الانكار على من يزعم أنه قد أتى على الإنسان زمان لم يكن مذكورا فيه .. وإظهار أنه قد أخطأ بزعمه هذا ..
ويكون نفس الإنكار مؤذنا بالإجابة ، فلا يحتاج إلى التصريح بها ، أو يقصد به التقرير ، وتسجيل الاعتراف ممن يحتمل في حقه الإنكار ، أو ممن يكون إقراره حجة على غيره .. فيسأل هذا السؤال ليقرّ بالحقيقة ، ويقول : لا ، لم يأت على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ، بل كان مذكورا في كل حين وزمان.