وعلى كل حال ، فإن جواب إنكار الإثبات هو النفي ، وجواب إنكار النفي هو الإثبات.
فالأول : كقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١)؟
فالجواب : لا.
وكقوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ ...)
فالجواب : لا ، لم أفعل ذلك.
والثاني : كقوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) (٢)؟!
فجواب هذا التقرير ، ـ الذي دخلت فيه همزة الاستفهام على النفي ب «لم» ـ هو الإثبات ، فيقال : بلى ، قد جعلت له عينين.
ولازم التقرير المبدوء بكلمة «لم» هو الإقرار بما دخل عليه حرف النفي ، كما ظهر من قوله في الجواب : نعم جعلت له عينين .. فالنتيجة جاءت عكس ما دخل عليه الاستفهام ، فإن دخل على النفي أجيب بالإثبات ، وإن دخل على الإثبات أجيب بالنفي.
ومعنى الآية : أن هذا الإنسان ، منذ بدء وجوده ما زال مذكورا عند الله ، في مختلف مراحل وجوده ، من خلال استمرار الرعاية والعطاء الإلهي له .. فهو تعالى لم يزل يرعاه ويربيه ، وينميه ، ويحافظ عليه ، ويسيّر أموره.
فالآية لا تتحدث عن الإنسان قبل أن يخلق .. حتى يقال : إن كلمة
__________________
(١) سورة الزمر الآية ٩.
(٢) سورة البلد الآية ٨.